سنة الإصدار : 2012
بلد الإصدار : مصر
دراسات في الاسلام
عجبت من تلك العقلية التي تأبى إلا أن تغلق كل الأبواب إلا بابا واحدا لتحشر فيه الناس أجمعين، مع أن هناك أبوابا أخرى عديدة ومتسعة لمن يرغب للدخول منها! انها نفس العقلية المريضة التي تُنَصّب نفسها سعد الدين الهلالي- الإسلام وإنسانية الدولةحاكما على الخلق، وتوهمهم أنها تحكم بأمر الله، وحكم الله منهم براء!
هذا الكتاب يفتح الأعين والعقول على الفضاء الرحب في الفقه الإسلامي الذي تراكم عبر قرون بفضل الله ثم بفضل جهود العلماء. ذلك الكنز الفقهي الذي كلما تعرفنا عليه أدركنا كم خسرنا عندما ضُيّق علينا، وأُريد بنا أن ننحصر وننحسر في بقعة ضيقة عقيمة. وكانت النتيجة أن أصبحنا حائلا بين الخلق وخالقهم!
قد يبدو الكتاب صعباً، ولكن إذا قُرئ بتأني فستزول هذه الصعوبة، فعبارات الدكتور سعد سهلة، ومنطقه متسق، ينساب بعقلك في هدوء ليصل بك إلى هدفه، بأدلة من الكتاب والسنة وبعيدا عن ثقافة الضجيج السائدة اليوم!
باختصار، إذا أردت أن توسع عقلك، فاقرأ هذا الكتاب.
وهذه بعض المقتطفات من الكتاب وإن كانت لا تكفي للدلالة على القيمة الكبيرة لهذا الكتاب الرائع. جزى الله كاتبه الدكتور سعد الدين الهلالي عنا كل خير.
“الدين لم يأت ببيان أمثل الأوجه للتعامل مع الآخر، وإنما جاء بأوجه التعامل المحتملة مع الآخر بدليل تكليف المجتهدين بالبحث عنها من النصوص ودلالاتها ثم كشفها لعموم الناس وعدم كتمانها… وعلى الإنسان أن يختار منها الأمثل بحسب المناسب من الأوضاع والأحوال، حتى يعمل الإنسان عقله ويمارس المسئولية بنفسه، ولا يقول إنما فعلت هذا الوجه بأمر الدين، وإنما يقول فعلته لأني رأيته الأنسب أو الأفضل. أما الدين فقد كلفني بالاختيار من الأوجه المحتملة بسحب طاقتي واستطاعتي، بل ومنعني إن اخترت وجها فقهيا محتملا أن أزعم بأنه حكم الله، وأوجب عليّ أن أعلن بأنه اختيار شخصي، كما في حديث مسلم عن بريدة، أن النبي قال: “وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك أنت فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا.”
“ما ورد من أقوال فقهية تجعل معايير التعامل مع الآخر-في الجملة- إنسانية؛ لأن التجارة لا تتفاوت من كونها مع مسلم أو مع غيره، والظلم لا يختلف أن يكون من مسلم أو من غيره. والنصوص التي تقرن الظلم والعدوان بالكفر والكافرين، أو التي تقرن التراحم والتواد بالإسلام والمسلمين إما أن تكون على سبيل الغالب في بادئ أمر الإسلام للكيد به في مهده حتى إذا ما انتشر وصار واقعاً مستقراً ويئسوا من كيدهم به سالموه وسالموا أهله، وإما أن تكون للدلالة على أن كل صفة عدوان أو ظلم إنما هي صفة كفر ولو كانت من مسلم، وأن كل صفة رحمة وتواد إنما هي صفة إسلام ولو كانت من غير مسلم.”
“وحكم الله بالعدل يختلف عن الحكم بالدين في تفاصيل الشريعة؛ لأن الحكم بالعدل يتعلق بالغير ويقوم على الترضية الإنسانية لعدم النص الشرعي على معيار العدل، والترضية الإنسانية أصل مقطوع به. أما الحكم بالدين فيتعلق بالنفس ويشتمل على تفاصيل المسائل في العبادات والمعاملات، ومع ذلك فإن أكثر أحكام تلك المسائل عبارة عن اجتهادات بشرية فلن تكون هي حكم الله قطعاً، وإنما هي حكم الله في غالب ظن أحد المجتهدين، وليست كذلك في غالب ظن مجتهد آخر الذي يرى أحكاما أخرى، والكل معذور.”
“ومن يزعم بأن الدين نزل للحكم به في الأرض على الناس بدون التزام منهم خلط بين أحكام الدين متعددة الأوجه والتي لا يجوز فرضها أو أحد وجوهها على أحد بدون اختياره وبين حكم الله بالعدل الذي جعله أصلا فطريا لكل حكم، كما جعل كرامة بي آدم أصلا فطريا لكل إنسان. فمن حق كل أحد ولو لم يكن مسلما، أن يطلب العدل في مواجهة كل حاكم ولو كان مسلما. كما يحق لك أحد ولو لم يكن مسلماً، أن يطلب العدل في مواجهة كل حاكم ولو كان مسلماً. كما يحق لكل أحد ولو لم يكن مسلماً أن ينتزع كرامته ممن يسلبها منه ولو كان مسلماً.”
شكراُ لمشاركتك بمراجعة و تقييم الكتاب
سيتم مراجعة مراجعتك قبل نشرها للتأكد من مطابقتها لشروط و أنظمة الموقع