الأجزاء : 1
الموضوع : اللغة العربية وآدابها
السنة : 2023
الطبعة : الأولى
القياس : 17*24
عدد الصفحات : 168
اللغة : العربية
من يفهم الحداثة بأنها رفضٌ للماضي، فهو لم يقرأ الماضي نفسَه بما هو إحداثٌ، هذا الإحداث الذي تَمَّ إغلاقُه في أعْرافٍ وأطُرٍ مرجعيَّة، أساءت لى العقل والخيال، أغلقَتْهُما، وأرادَتْهُما تابعيْن لا مُبْدِعَيْن. شِعْريَّة الإحداث، هي في هذا المجيء الذي لا يفتأ يجيء، في الدَّهْشَة التي تتميَّز بها الكتابة، ويتميَّز بها الشِّعر، وهو في صيرورته يُحْدِثُ انْفِصاله، كما يُحْدِثُ انْقِطاعه في اتِّصاله. لا وُجودَ لقطائع، بالمعنى الكُلٍّيّ الحاسِم والنِّهائِيّ، ولا لبداياتٍ من فراغ. في الشِّعْر، البداية تعني المجيء من الآتي، من هذا الغموض المُفْعَم بالكثافة، وبما يكون اخْتِراقاً واكتشافاً. هذا ما نُسَمِّيه بالشِّعْر الآخَر، الشِّعْرُ الذي هو شعرُ تجارب، وشعرُ ذواتٍ شاعرةٍ، أو ما يجعل «الذَّاتَ مُمْكِنَةً»، كما يقول ألان باديو، لا تَرْهَنُ نفسَها بما كان، لأنها تسعى إلى المُغايَرة، وإلى المُغامَرَة. أن تكون هي نفسها، وليست آلةً، أو بما تتوكَّأُ عليه من عكاكيز وعِصِيّ وظِلال. من هذه الزَّاوِيَة رأينا الحداثةَ والإحداث، وتأمَّلْنا الشِّعْر وكتبناه، ذلك الشِّعْر الآخر الذي يبقى في طور المجيء، يكون هو الطَّريق، بِكُل ما في الطريق من طُرُق وتَشَعُّبات، لا أن يكون إطاراً وقانوناً يصلح لِكُلّ التجارب والأجيال، ولكل اللغات والأمكنة والأساليب، وطُرُق الكتابة والتَّخيُّل، وكأنَّهُ السماء التي فوق رؤوسنا، لا نستطيع الخروج من زُرْقَتِها.
شكراُ لمشاركتك بمراجعة و تقييم الكتاب
سيتم مراجعة مراجعتك قبل نشرها للتأكد من مطابقتها لشروط و أنظمة الموقع